استأجرت " أم محمد " شقة قريبة من سكن ابنة خالتها " فاطمة " وبعد أن اشترت عفشا ً نصف عمر وذلك لأنها تركت كل عفشها في شقتها كما هو حتى لا يشك فيها أحد بعدم العودة ، ولكنها كانت قد باعته وأخذت الأموال وأعطت المفتاح "لعم منصور " لكي يسلم الشاري عفشها ، ولكن ما يحزنها أن هذا العفش هو الذي شاركها حياتها مع زوجها " رضا " ولكن كما يقول المثل القديم " الحي أبقي من الميت " هكذا اتخذت " أم محمد " القرار ألا تبقي علي شئ من اجل ابنها ومن أجل أن يعيش حياة طيبة كما أراد والده وأن تعلمه أحسن تعليم كي يصبح مهندسا ً كما أراد والده قبل وفاته وبدأت " أم محمد " حياتها الجديدة ولكنها تذكرت شيئا ً آخر تركه " عم رضا " لها الشيكات التي وضعتها داخل الكيس البلاستيك والتي أخفتها في السيارة لأن هذا المكان هو المكان البعيد عن فكر أو أيدي أي إنسان تسول له نفسه بالعبث بهذه الشيكات وبخاصة " أم محروس " التي شكت فيها " أم محمد " منذ يوم المأتم وما قالته لها وتلك النظرات التي كانت توجهها إلي الكيس البلاستيك الذي كانت تمسكه في يديها مما جعلها تفكر في إخفاءه بعيدا ً عن عبث العابثين وأيدي اللصوص والسارقين وابتسمت ابتسامة خفيفة حيث أن " أم محروس " لم تجد شيئا ً ذا قيمة لتأخذه وما كانت تبحث عنه لم تجده وعادت إلي بيتها خائبة الأمل ، وكذلك معرفتها من جارتها أن " أم محروس " قد أعطت الطفل الكيك المسوم لأن الجارة عرضت عليه طعاماً فرفض وقال لها أن " أم محروس " أعطته قطعة كيك أشبعته وهكذا عرفت " أم محمد " من الذي دبر الحيل ؟ ومن نفذها ؟ فحمدت الله علي أنها ابتعدت عن شر هذه المرأة ولكن بقي السؤال الهام ماذا تفعل بهذه الشيكات التي لديها ؟ هل تسلمها إلي صاحبها ؟ أم تعطيها لقسم الشرطة ؟ أم ....؟؟؟؟ .
وقررت أن تخبر " فاطمة "عن قصة هذه الشيكات لكي تساعدها في اتخاذ القرار ولكنها تراجعت في آخر لحظة وقررت أن تتصل هي بصاحب الشيكات وبالفعل ذهبت إلي أحدي التليفونات وأدارت القرص ولكنها لم تتلقي أي رد مثل زوجها الراحل واستقر الرأي علي محاولة أخري في الغد ، وفي اليوم التالي ذهبت إلي أحد مطاعم الفول والطعمية لشراء بعض السندوتشات لها ولأبنها " محمد " وعادت إلي الشقة التي استأجرتها وأثناء تناولها الطعام وجدت صورة علي صفحة الجرائد جعلت الطعام يقف في حلقها فهي صورة لذلك الشخص الذي ركب معهما ونسي حافظة نقوده ولكن ما زادها حيرة أنها لا تعرف القراءة ولا الكتابة وتمنت لو تعرفهما لاستطاعت أن تعرف سر صورة هذا الرجل والتي تحتل نصف صفحة كاملة ، ولم تستطع الصبر فأخذت الجريدة ونزلت إلي بنت خالتها " فاطمة " في شقتها لتقرأ لها عن الكلام المكتوب تحت الصورة وعن سر هذه الصورة ، فتعجبت " فاطمة " من سر اهتمام " أم محمد " بهذه الصورة ومعرفة الخبر الذي تحتها فأخبراتها " فاطمة " انه يعمل في الشهر العقاري وحصل علي أموال كثيرة عن طريق الرشوة وأثناء محاولة القبض عليه خارج البلاد ألقي بنفسه من العمارة التي كان يسكن فيها ، وسوف يعود جثمانه من الخارج غدا ً صباحا ً و سوف يصدر النائب العام خلال الأيام القادمة قرارا ً بمصادره جميع أمواله
وهنا سكتت " أم محمد " وطال سكوتها هذه المرة , وطال السكوت ؛؛.......